فى رحاب آية
إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا }
شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ
وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي
الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ
وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ
وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا
{ يَحْذَرُونَ
لا يعرف على وجه التحديد من هو الفرعون
الذي تجري حوادث القصة في عهده ، ويكفي
أن نعلم أن هذا كان بعد زمان يوسف - عليه السلام - الذي استقدم أباه وإخوته . فتكاثروا
في مصر وأصبحوا شعبا كبيرا . فلما كان
{ ذلك الفرعون الطاغية { علا في الأرض
وتكبر وتجبر ، وجعل أهل مصر شيعا ، كل
طائفة في شأن من شئونه . وأوقع أشد
الاضطهاد والبغي على بني إسرائيل ، لأن
لهم عقيدة غير عقيدته هو وقومه . وكذلك
أحس الطاغية أن هناك خطرا على عرشه
وملكه من وجود هذه الطائفة في مصر ؛ ولم
يكن يستطيع أن يطردهم منها وهم جماعة
كبيرة أصبحت تعد مئات الألوف ، فقد يصبحون إلبا عليه مع جيرانه الذين كانت
تقوم بينهم وبين الفراعنة الحروب ، فابتكر
عندئذ طريقة جهنمية خبيثة للقضاء علي
الخطر الذي يتوقعه من هذه الطائفة ، تلك
هي تسخيرهم في الشاق الخطر من الأعمال ، واستذلالهم وتعذيبهم بشتى أنواع العذاب
وبعد ذلك كله تذبيح الذكور من أطفالهم
عند ولادتهم ، واستبقاء الإناث كي لا يتكاثر
عدد الرجال فيهم . وبذلك يضعف قوتهم
بنقص عدد الذكور وزيادة عدد الإناث ، فوق
ما يصبه عليهم من نكال وعذاب . ولكن
الله يريد غير ما يريد فرعون ؛ ويقدر غير ما
يقدر الطاغية . والله يعلن هنا إرادته هو ، ويكشف عن تقديره هو ؛ ويتحدى فرعون وهامان وجنودهما ، بأن احتياطهم وحذرهم
لن يجديهم فتيلا . فهؤلاء المستضعفون الذين يصرف الطاغية شأنهم كما يريد له هواه
البشع النكير ، هؤلاء المستضعفون يريد الله
أن يمن عليهم بهباته من غير تحديد ؛ وأن
يجعلهم أئمة وقادة لا عبيدا ولا تابعين ؛ وأن يورثهم الأرض المباركة . وأن يمكن لهم
فيها فيجعلهم أقوياء راسخي الأقدام مطمئنين . وأن يحقق ما يحذره فرعون وهامان وجنودهما ، وما يتخذون الحيطة دونه ، وهم لا يشعرون